الشهر: فبراير 2019

الحرب العالمية الإلكترونية

الحرب العالمية الإلكترونية

تستطيع أن تسمي مقالتي هي نظرة مستقبلية لما ستكون عليه حروب المستقبل وكيف ستكون الحرب الإلكترونية العالمية الأولى والتي ستكون أكثر فتكا من الحرب الأولى والثانية من ناحية الأرواح والممتلكات والتي حتى اليوم لا نعلم موعد حدوثها ولا كيفية تجنبها ولا كيفية التعايش معها، لا ترى أن مقالي سوداوي أو تشاؤمي، إنما هو واقع نعيشه وسنعيشه.

واقع معارك ومناوشات يومية تدور رحاها في الفضاء الافتراضي، جيوش لا تعرف عددها الحقيقي أو عددها الافتراضي، أبطالها معالجات وروبوتات ومنظمات معروفة وغير معروفة، أدواتها جميع الإمكانيات التكنولوجيا، فهل ستكون إحدى هذه المناوشات أو الأخطاء بداية لحرب عالمية إلكترونية أولى ستضع مفاهيم وقوانين صارمة لاستخدام البشر للآلة.

تصحر التقنية:

الحرب في الساحة التقنية فيها العديد من الأسلحة وتختلف القوة التدميرية لها من حجب خدمة DoS أو التلاعب والاحتيال في الخدمات وصولا إلى حذف بيانات هامة أو التضليل أو كسر حماية أو استغلال كبير لمواردك، فاليوم مثلا تعد مناطق التقنية الجغرافية هي المنطقية الناطقة بالإنجليزية والمنطقة الصينية والمنطقة الروسية وكل منطقة من هذه المناطق لها من يفهرسها ويجدول بياناتها وأكبر منطقة هي المنطقة الناطقة بالإنجليزية والتي يفهرسها جوجل، اليوم كلنا نعرف الإنترنت أنه جوجل، جوجل من يعطي لنا الإنترنت بهذا الترتيب، فإذا توقف جوجل أصبحت الحياة التقنية صعبة جدا وتكاد تكون مستحيلة، أما التنين الصيني فلديه جوجل الخاص به وهو Baidu وذات الأمر مع الشبكة الروسية. في حال فقدنا الاتصال بمحركات البحث والفهرسة فإننا سنفقد نصف الإنترنت، وفي حال فقدنا DNS Servers سنفقد إمكانية الوصول وقنوات الوصول، فماذا يبقى في الإنترنت. نحن نتحدث عن أبسط الأمور هي فقدان الإنترنت، ولم أصل هنا للكارثة الضخمة، وهي OTA أو التحديث عبر الهواء، فكلنا اليوم نملك أجهزة ذكية في منازلنا وإنترنت الأشياء وشرائح e-SIMوالتي تتواصل مع خوادم لا نعرف من يديرها ولا نعلم من يحقنها بأي Patch أو إضافة، قد تؤدي إلى تعطل الأجهزة، فإذا تعطلت كل الأجهزة دفعة واحد في خلال 24 ساعة بدون سابق إنذار نتيجة ثغرة، حينها سنكون في ورطة، إنها ضريبة التقنية، ولا تقل لي أن هذا أمر بعيد الحدوث فقد حدث مثل هذا الأمر في صيف 2003 بفايروس Blaster والذي استغل تحديثا لنظام Windows XP وأصبح النظام يعيد تشغيل نفسه في 40 ثانية بدون أضرار إضافية وعالجت مايكروسوفت الأمر، بالإضافة إلى فيروسات تنتقل عبر الأكواد والحقن في الصفحات والإيميلات وإضافات المتصفحات وبرامج تتبع كلمات السر وأكواد التعدين، كثيرة هي الأمور التي تجعل المستخدم هو الحلقة الأضعف في سلسلة وتكوين الإنترنت، والتي قد تجعل الإنترنت مهجورا ذات يوم ونحاول بناء نفسنا من جديد. كل ما أسلفته بالأعلى كان محاولات أفراد أو منظمات بسيطة فما بالك بمحاولات دول أو قدرة دول على إيقاف الإنترنت أو استهداف بنوك أو دول أو معسكرات أو مراكز بيانات، أنها أمور مرعبة جدا، فاليوم لو استطاعت دولة الوجود في منتصف الطريق وحقن تحديث لنظام أو أجهزة Switch  Router  Firewall ولنفرض أنها سيسكو أو جونبر او هواوي غير محدثة أو وجود ثغرة بها لم تبلغ عليها الشركة في يوم 15 فبراير 2019 يتوقف كل شيء أو يعاد تشغيله، أعتقد أن 75% من الإنترنت في العالم سيتوقف لساعات، أكرر أن هذا كله وارد الحدوث ويوجد أكثر من ذلك، فأنت كمستخدم تترك مئات الأثار الإلكترونية يوميا وهذا ما سبب في ابتكار مجال جديد في التقنية وهو Digital Forensic العلوم الجنائية الرقمية والذي بدأ يتعلمه أصحاب الجريمة الإلكترونية ذاتهم حتى لا يتم تعقبهم قدر الإمكان أو تزييف آثارهم، هو مجال أكثر من رائع، وحين معرفة تفاصيله تجد أنك تترك مئات الأثار والتي تستخدم أحيانا في زرع خطر أو تحديد موعد ضرر كبير.

توقف الاتصالات:

لوهلة ستحس أن الأمر اعتيادي، ولكن نحن لا نتحدث عن شيء اعتيادي إنما عن شيء فوق الاعتيادي، الثورة الحالية التي حدثت في أخر عشرين عام من تسوق إلكتروني ومعرفة منتشرة في كل مكان وتطور علمي وبحثي سببها الأول: سهولة الاتصالات والتواصل.

إن توقف الاتصالات حتى لثواني سيكلف الأسواق المالية والشركات والبنوك مبالغ فلكية إضافة إلى حدوث عمليات سطو كبيرة نتيجة توقف الكاميرات أو بمعنى أصح توقف تغذية الكاميرات لسيرفرات رئيسية تقوم بالمراقبة والتحليل والإنذار. توقف الاتصالات أكبر كابوس لشركات التقنية. وأكبر كابوس لي بشكل شخص، أذكر فوائد الاتصالات في عقلك وستجد أن الاتصالات تأتي في المرتبة الثانية في بنود مستلزمات حياتك بعد الكهرباء، فما بالك الدول وشركات الطيران والسفن والأقمار الصناعية وفروع الشركات في كل أنحاء العالم.

توقف الكهرباء Blackout:

القاعدة الأساسية والبنية التحتية لشبكات الاتصالات وشبكة الإنترنت وكل الحضارة الإنسانية في أخر 150 سنة هي الكهرباء، فإن توقفت الكهرباء توقف كل شيء ونعود لقرنين للخلف وقد يكون الأمر أكثر كارثية، فلن نستطيع ضخ المياه أو نقل المحاصيل الزراعية أو ضخ النفط والوقود أو التدفئة في مناطق أوروبا وروسيا وكندا ولن يكون هناك حل في خلال شهرين على الأقل، وعليه سيكون عدد الوفيات كبير جدا من فقد الكهرباء وغالبية الوفيات ستكون في صفوف المدنيين والأهالي، وستكون الكارثة أقل في المناطق الريفية، وبفقد الكهرباء نفقد الاتصالات التي قد اعتدنا عليها وتكونت لدينا حياة كاملة مبينة عليها، سيتوقف الشحن العالمي ستتوقف خطوط الطيران وتعود للخدمات القديمة من إرساليات عبر AM/FM والرادارات القديمة، والتي باعتقادي أصبحت محدودة جدا، هذا بغض النظر عن الطائرات الموجودة في السماء والتي بالتأكيد سيسقط أغلبها، وهنا نتحدث عن إطفاء عام عالمي، إظلام الكرة الأرضية، وستحدث أزمات نووية نتيجة نقص تبريد المفعلات التي أساسا يضخ فيها مياه بالكهرباء، لن يعمل أي بنك في الكرة الأرضية وسيكون الأقوى في ذلك الوقت من لديه المياه والأنهار والزراعة مثل أوروبا ومصر والسودان إسرائيل وكندا، أولى أسلحة الحرب العالمية الإلكترونية هي قطع الكهرباء وقد تكون أخر الأسلحة وقد تكون أفتك الأسلحة وقد تكون نتيجة الحرب والبداية من جديد. مهما تخيلنا سوء الوضع حين حدوث مثل هذا الأمر فلن نستطيع محاكاته.

القنبلة الكهرومغناطيسية EMP:

حتى اليوم تعد هذه القنبلة غير واضحة المعالم ونسمع عنها أساطير كثيرة وكبيرة، وإن كنا نريد إثبات وجودها بشكل علمي فنحن نستطيع بالورقة والقلم والحسابات إيجادها، ولا أحد يستطيع الجزم بأن دولة تمتلكها، ولم تجرب حتى اليوم في أي بلد أو حرب.

قنبلة النبضة الكهرومغناطيسية هي قنبلة لا تقتل البشر إنما تدمر كل شريحة إلكترونية في مجالها حيث ترسل نبضة كهرومغناطيسية من السماء في اتجاه المنطقة الموجهة إليها. تكافئ القنبلة النووية ولكن لن تقتل البشر أو الكائنات الحية إنما ستقتل كل ترانزستور أو شريحة إلكترونية.

فإذا افتراضنا أن هدف القنبلة هي الولايات المتحدة الأمريكية فما سيحدث هو عودة كامل أمريكا إلى القرن التاسع عشر، وإظلام تام. توقف المنشآت الصناعية، مراكز البيانات، خطوط نقل الطاقة، أعمدة الإنارة، السيارات، حتى خلاط العصير بالمنزل سيتعطل، وصولا إلى تعطل لعبة ابنك. لا شيء سيعمل. هو توقف كل ترانزستور على وجهة الكرة الأرضية. قد نوقشت فكرة حدوثتها في فيلم ocean 11.

الذكاء الاصطناعي AI:

حتى لحظة كتابة هذا المقال يبقى الذكاء الاصطناعي تحت سيطرة البشر، ولكن جميع علماء الذكاء الاصطناعي بدون استثناء يحذرون من مغبة تفاقم تطوير الذكاء بشكل متسارع، والذي يؤدي بنا لفقد السيطرة على هذه الآلات ويجعلها خطر على الجنس البشري وخطرا على الكرة الأرضية وتصبح الآلات والذكاء الاصطناعي هم من يسيطر على الكرة الأرضية لا البشر.

بعد سنوات كثيرة من القراءة ومشاهدة وثائقيات وأفلام عن الذكاء الاصطناعي: يمكنني إيصال هذا التعريف لك: الذكاء الاصطناعي هو إعطاء الآلة القدرة على التفكير والتحليل وجمع ومراجعة وتعديل البيانات والمعلومات واتخاذ أنسب القرارات بناءا على ما توفر لها من معلومات يصب في مصلحة المنطق الذي أعطاه الإنسان لهذه الآلة والقيام بتنفيذ هذه القرارات بما يتاح لها من إمكانيات وقدرتها على تعلم المزيد وتخزين المزيد والتعاون مع جميع بني صنعتها للوصول لمبتغاها.

وبحكم أن المنطق هو من يحكم الآلة والمنطق يقول إن كل شيء في الحياة يتجه للمنفعية، فإن الآلة التي برمجها الإنسان وأعطاها صفات الكمال من الأخطاء أعطاها كذلك قصور الإنسان، فهي اليوم ترى الإنسان ضعيف ومحدود وبطيء وغير مفيد، ومن الأفضل التخلص منه أو الاستفادة منه في أي شيء أخر غير أن يكون بشرا. وهذا ما شاهدناه في فيلم الخيال العلمي الثوري في أجزائه الثلاثة The Matrix.

علاقة هذا في حرب قد تقوم هو فقدان الإنسان لسيطرته على الآلة أو تكليفها بمهام قتالية أو دفاعية أو تكوين جيوش تعتمد على الآلات تستخدم الذكاء الاصطناعي. فإن قررت دولة كبيرة الهجوم على دولة أخرى بعشرين مليون روبوت قتالي يتواصلون بين بعض ويستمدون طاقتهم من النور وموصلين بسيرفر أو مقاتل واحد من ضمنهم وفقدنا السيطرة عليهم.. هذا ما سأغطيه في بند فقدان السيطرة عن كل شيء.

الجيوش الإلكترونية:

في السنة الماضية شاهدت فيديو توعوي يحذر من خطر الذكاء الاصطناعي و الدرونز، حيث يقول هذا الفيديو أن شركة قد طورت جسيم صغير أسمه Micro Drones يزن ثلاثة جرامات، قادر على الدخول والطيران والضرب والانفجار في رؤوس الناس واستهداف أشخاص بأعينهم واغتيالهم، هذا نذير كارثة، فبعد أن كانت الشعوب تخاف الحروب البيولوجية والنووية أصبحنا اليوم نخاف الأسلحة الإلكترونية، هذه الأجسام أو الآلات تستطيع تدمير الكثير وقتل الكثيرين وإذا كانت فعلا موجودة لدى لدول وغير مسيطر عليها فأعتقد أن البشرية ستشهد حربا أكثر كارثية من الحرب العالمية الثانية وأطول منها وغير معروفة النتائج.

فاليوم الأقوى ليس من يملك القوة البشرية إنما من يملك التقنية البشرية.

تقول شركات تصنيع الأسلحة والشركات الأمنية إن استخدامها لهذه التقنيات محدود جدا ومعروف وواضح، ولا يذكر شيء من طرف الدول العملاقة (أمريكا، روسيا، الصين) في هذا الشأن. ولكن ما أنا متأكد منه هو وصول هذه الدول لمثل هذه الأسلحة الفتاكة، فإن كانت أمريكا قد طورت طائرة SR71 ودخلت الخدمة وخرجت من الخدمة وبعد ذلك عرف العالم بالأمر، فما بالك بتقنيات متطورة مثل هذه، وقوتها في سريتها.

أنا من هواة مشاهدة أفلام ومسلسلات الخيال العلمي وأكثر مسلسل تطرق لمثل هذه الأسلحة هي The 100 في جزئه الثالث وفيلم The Matrix علما أن هذه الأعمال كانت مسالمة في تعاطيها مع الخطر قدر الإمكان.

حملات التجسس:

نحن أكثر عصر نعلم عن بعضنا ما لم يعلمه أحد عن الأخر في العصور السابقة، وكمية المعلومات التي نشاركه أو نقدم التفويض بمشاركتها يزداد كل يوم، نقدم تفويضات مشاركة صور وبيانات تتبع وأرقام هواتف ورسائل إلكترونية وفهم لطريقة تفكيرنا وعملنا ومعرفة على ما نبحث ومعرفة أرصدتنا البنكية وحتى مواعيد زياراتنا للأطباء أو طلب بيتزا، ولكن على صعيد أخر فإن الحكومات حريصة جدا في أمور التجسس وتحسب له ألف حساب، وتعلم جيدا أن القوة في من يعرف أكثر على الأخرين، وعليه كان عام 2017 هو عام محاربة التجسس الإلكتروني في مراكز القوة العظمي في العالم، فقد بدأت المعارك حين اكتشاف تدخلات من الدب الروسي في الانتخابات الأمريكية الأخيرة عن طريق شركة Cambridge Analytica والتي تعمل في التنقيب عن البيانات وتحليلها والاستفادة منها والتي أتهمت في الإضرار ببيانات 87 مليون مستخدم يستخدمون موقع التواصل الشهير فيسبوك بموافقة الأخير. لم يتوقف الأمر هنا فقد استغلت الشركة هذه البيانات في توجيه حملة رئاسة أعظم دولة في العالم وفوزه في الانتخابات. حينها فقط تنبه الإتحاد الأوروبي لأرشيفه القانوني وأصبح يسن القوانين والمواد حيث أخرج لنا قانون أصبح ميثاق عالمي بعد ذلك في العالم أجمع وهو GDPR والذي يطول شرحه وقد نتناوله في تدوينة أخرى وأساسه حماية المستخدمين من شركات مثل فيسبوك وجوجل ومايكروسوفت وأبل وغيرهم ممن يجمعون البيانات دون علم المستخدم أو تواجد مخزون ضخم لديهم من معلومات المستخدمين، المستخدمين نفسهم لا يعلمونها ولا يقرؤون الاتفاقيات ويضغطون على زر Agree بسهول والإفصاح عن أي معلومات تخص المستخدم، وتعطي الاتفاقية الأحقية  للمستخدم في مسح أي معلومة مسجلة وعدم تخزين أي معلومة لا يعلمها المستخدم عن نفسه. حينها قرعت أمريكا ناقوس الخطر ضد التنين الصيني، وضد شركة هواوي وشركة ZTE تحديدا، وبدأت توجيه حلفائها بعدم التعامل مع هواوي لخطورة القوانين الصينية على الشركة حيث يوجد بعض البنود في القوانين الصينية تلزم هواوي بالإفصاح عن أي معلومة لديها للحكومة الصينية. روسيا بدورها طلبت مفاتيح أمان واكواد بعض البرمجيات من مايكروسوفت مع رفض مايكروسوفت ذلك، وتخطط روسيا للقيام بإنشاء شبكة إنترنت واختبارها في حالة فقدت الاتصال بالإنترنت العالمي، وعودة لصين التي تعتمد سياسة الخصوصية من فجر الإنترنت وتلزم كل الشركات بوضع كل مراكز بياناتها في الصين والالتزام بالقوانين الصينية وأن اليوتيوب والفيسبوك والكثير من البرمجيات والمواقع محظورة في الصين. هكذا اكتمل وجود الدول المؤثرة في التقنية، تظل أكبر مصادر تهديد إلكترونية هي كوريا الشمالية وإيران وإسرائيل، فقوة هذه الدول في خصوصياتها وعدم معرفة الجميع أي معلومة عنهم، بما فيها أمريكا التي تعلم ما في العالم كله.

الفيروسات:

أولى معارك الحرب الإلكترونية بدأت في ثمانينات القرن الماضي، بأقراص Floppy Disk 5.25 بفيروسات exe أو الملفات التنفيذية وبدأت تتطور جيلا عن جيل وتستخدم كل ما يتاح لها من صلاحيات وشبكات وسعات وقدرة على التخفي وذكاء وقدرة على التصرف، حتى أنها وصلت لذروة تأثيرها في الفيروس الذي عطل الأجهزة المشغلة لأجهزة الطرد المركزي بمفاعلات إيران النووية والتي استطاعت الانتقال من جهاز إلى جهاز ومن ثغرة إلى أخرى عبر الوقت حتى وصلت لهدفها في ضرب التجارب النووية الإيرانية بفيروس Stuxnet في عام 2007، والتي قاضت فيها إيران شركة سيمنز عن التقصير والإهمال وأنها قد تعاملت مع عدوها من أجل الولوج لأجهزتها.

تزايد خطر الفيروسات بانتقالها لمحبوبة مستخدمي البرامج Crack وأصبح هذا البرنامج يزرع ملفات في قلب النظام ويستخدم في وقت محدد لإسقاط موقع باستخدام DDoS هجوم حجب الخدمة أو ضرب شركات، وتفاقم الأمر حين أصبح الأمر Ransomware وهو فيروس يشفر لك بياناتك ويكون مفتاح فك التشفير عند مصمم الفيروس، والذي بدوره يبتز ويقايض المستهدف بإرسال قيمة من عملة Bitcoin والتي سنتحدث عنها في تدوينة منفصلة.

خطر الفيروسات قائم وبقوة، في إسقاط أنظمة بنوك وتدمير Disaster Recovery أو الوصول إلى Secure Backup أو إيقاف خدمات حساسة مثل ما حدث في قطاع الصحة في المملكة المتحدة، أو ضرب DNS servers في العالم عن طريق DDoS attack الصادرة من مئات الألاف من الكاميرات في الصين والذي حدث في 21 أكتوبر 2016 لمدة ساعتان وعشرون دقيقة. وغيرها الكثير والكثير من الهجمات.

سرقات البنوك أو إفلاسها:

حتى اليوم جميع سرقات البنوك الرقمية محدودة جدا وباستطاعة المحققين الجنائيين الرقمين إيجاد خيوطها ومعرفة الأموال وإيقافه، ولكن إن قررت دول ضرب دول أو تحويل مبالغ أو اعتراضها أو تبين أن دولة ما اعترضت قيمة مالية وسرقتها ودخلت حسابتها والحقيقة أن هذه المعلومة مزيفة واشتعلت الحرب، أي بمعنى أخرى فتنة إلكترونية أن صح الوصف، وعلى سبيل المثال لا الحصر: الدخول للبنك بأسماء الموظفين وصلاحياتهم والقيام بتحويلات لمئات أو ملايين الحسابات في العالم وإعادة تحويلها وصعوبة تعقب القيم والحوالات، هنا يكون الخطر التقني والرقمي، تحاول البنوك في العالم كله البقاء بعيدة عن استخدام خدمات الغير وتصمم قواعد بياناتها وبرمجيتها وأنظمة حمياتها لوحدها وتحدد سقف عدد التحويلات وحجمها حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة.

وإذا بحثت في الإنترنت عن سرقات البنوك من قبل مخترقين Hackers ستجد أرقام صادمة مثل نصف مليار دولار ومليار دولار، هذا ما يفعله الهكر فماذا تفعل الدول في حالة أرادت حربا رقمية لا تبقي ولا تذر.

Deepfakes:

هو انتحال شخصية عن طريق الصوت والفيديو بحيث إذا نظرت له ستؤكد أن هذا الشخص هو الحقيقي، بينما في الحقيقة هو شخص أخر يتحرك وتم وضع الصورة والصوت والنبرة وأسلوب الحديث وحتى حركة الوجه عن طريق AI أو الذكاء الاصطناعي في فهم هذا الشخص كيف يتحدث ويتصرف أثناء الحديث.

انتشر فيديو في الآونة الأخيرة يظهر الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما في حديث لم يحدث قط، لأي شخص ينظر لهذا الفيديو يتأكد مائة بالمائة أنه باراك أوباما وبشكل قطعي فقد امتلكت الشخصية كل صفات أوباما من حركات الأيدي والصوت والملامح وتعبيرات الوجه وحتى السكنات، قد يرى مقربون بشكل شخصي من أوباما أنه يوجد اختلاف، ولكن ماذا لو استخدمت هذه التقنيات في وقت أثناء الحروب كحرب نفسية ومعنوية وحملة دعائية وتوجيه مسار الحرب أو الاتفاق إلى مسار سيء جدا، أو إعلان الهزيمة أو الفشل، أو استخدمت لعمليات النيل والاغتيال المعنوي. اليوم تستطيع تقليد صوت أي شخص في العالم بنسبة رهيبة جدا فقط باستخدام برمجيات مثل Adobe VoCo.

 

إيقاف دولة كاملة:

تحدث إدوارد سنودن في لقاءاته أن منظمة NSA الأمريكية وهي اختصار National Security Agency أنها تستطيع السيطرة على دول بأكملها وأنها تبتلع وتخزن كل معلومات العالم وتستطيع الوصول لأي جهاز في العالم ومعرفة كل شيء، فإذا كانت هذه قدرة منظمة نعرفها اليوم باسمها فماذا يمكن أن تفعل الصين وروسيا ومنظمات أخرى لا نعرفها، نحن نتحدث عن دول تستطيع السيطرة على مطاراتك ومفاعلاتك ومصانعك وشبكة الكهرباء والمياه والسدود والموانئ والسفن واشارات المرور والكاميرات. الموضوع أكبر من أن تقول إني قد اخترقت، عندما تكون دولة مخترقة دون أن تعلم ذاتها، وتكون كل أجهزتها ملك للمخترق، ضمنيا أنت حليف لا تعلم عن نفسك شيئا، وفي أي لحظة بإمكان أحد أطراف الحرب إدخالك دون أن تعلم وإشغال منافسه أو عدوه معك.

فقدان السيطرة عن كل شيء:

بداية حرب رقمية عالمية غالبا نهايته إما التوقف وحصر الخسائر وتوقيع اتفاقيات عالمية تقنن التقنية واستخداماتها كما حدث في الحرب العالمية الثانية، أو انهيار دول وإعادة إعمارها أو انتصار طرف واحد على الجميع وستكون بيده معلومات العالم بأسره ويستطيع انتشال العالم أو خروج الأمر من أيدي الجميع وفناء العالم لصالح الآلة أو أن تصبح الكرة الأرضية مكانا لا يصلح للحياة.

المقاتل الرقمي:

بعد الطائرة بدون طيار والسيارات ذاتية القيادة أصبحت المعسكرات الحربية تريد تزويد مقاتلها بقوة رقمية لا تقهر، فسيصبح لدينا قريبا أو أصبح موجود بدون أن نعلم المقاتل الرقمي الذي لا يقهر، قد يكون إنسان مزود بأجهزة توجه أو روبوتا مرنا في الحركة وأسرع في القرارات وأسرع في الاستجابة والتحليل، ويستطيع أن يرى ما خلف الجدران ويقفز مسافات أعلى وأطول ويرى أبعد وقادر على سماع التنفس وتحليل الوجه والتعرف عليه في أقل من رمشة عين، ويسمع أدق ويحلل الحرارة والإضاءة ويرى ليلا، لا أتحدث عن خيال علمي، أتحدث عن شيء أنت تراه وتلمسه كل يوم، الأجهزة الذكية اليوم تقول بأغلبية ما قلت وهي تزن 200 جرام، فإذا زودت بروبوت يحركها فنحن نتحدث عن المقاتل الرقمي الذي لا يقهر.

https://www.youtube.com/watch?v=24ALj6ykEOo

 

أسوأ السيناريوهات القابلة للحدوث:

حتى اليوم لا نعلم أسوأ السيناريوهات القابلة للحدوث ولكن أسوأ ما أراه هو عدم قدرة الإنسان على العيش على الأرض في حالة حرب عالمية تستخدم كل أنواع التقنية، منذ الثمانينات حسم أمر الكوكب في أن أي حرب عالمية قادمة ستكون هلاك للبشر نتيجة الإشعاعات النووية فهل سيكون مصير هذا الكوكب أن يعيشه الآلات أو أن يكون بدون شبكة تواصل أو يتوقف التطوير الرقمي لمرحلة نقول أننا نمس حافة الهاوية وسنسقط بعد ذلك في منحدر الحرب الإلكترونية، لنظرة أعمق في ما سيكون عليه العالم هذه السنوات والسنوات القادمة أنصحك بمشاهدة المسلسل البريطاني الشهير Black Mirror والذي يعطيك الاستخدام السيء لتقنية وحتى وأن كنت ترى التقنية جميلة من حيث نظام التقييمات المعمول به في أمازون وأوبر وجوجل لكن لكل شيء استخدامات سيئة من: المقاتل الإلكتروني والذاكرة القابلة للمسح أو الذاكرة الغير قابلة للمسح أو تسريب المعلومات وانتهاك الخصوصية.

النهاية:

وقوع حرب إلكترونية عالمية شاملة وارد في أي لحظة وكلما تقدمنا في اللحظات الآن فإن حدوثتها يتزايد.

لا يمكنك فعل شيء حتى تلك اللحظة إلا الاحتفاظ بخطة بديلة للحياة وترك الطريق سامحا لك لزراعة وتربية الحيوانيات والنقل والاحتفاظ بأي شي عالي الأهمية بشكل فيزيائي أو ورقي. فقط عند توقف كل شيء تذكر كلماتي. ستعلم أن حرب إلكترونية حدثت عندما تجد هاتفك No Service ولا يوجد أي نور في مدينتك ولا يوجد أي استقبال لجهاز الاستقبال الفضائي لديك TV or Satellite أو توقف هاتفك وهواتف عائلتك وسيارتك وساعتك عن العمل، اعلم أننا عدنا لمائتي عام للخلف وأننا نحتاج عشر أو عشرين عام لتقدم مائة عام، ستنتشر الفوضى في كافة أنحاء العالم. وغالبا من سيلجأ لحل الحرب الإلكترونية العالمية يعلم أن نهاية ستكون شاملة ونهائية.

حتى تلك اللحظة والتي لن تستطيع فيها قراءة مدونتي ولا حتى الولوج إلى الإنترنت مرة أخرى هذا أمين صالح يحييكم.

نهاية جميلة:

يوجد اليوم جيل واعي رقميا ومعرفيا ويعلم أن أي تعدي على محاذير رقمية مثل الذكاء الاصطناعي أو الطائرات بدون طيار ذاتية القيادة قد تؤدي إلى هلاك البشرية فيتعلمون كل يوم كل جديد، يوجد منظمات قائمة لحماية المستخدمين، شركات تحترم الإنسان وترى المستقبل أفضل بوجودها وتسطيع دفن أي منتج أو فكرة ضارة مثل أبل وجوجل ومايكروسوفت، يوجد مجتمع يحترم التقنيين ولا يعبث بعقولهم مثل مجتمعات لينكس ويبين لهم ماذا يتم في الخفاء وكيف تسخر التقنية في أفضل ما يمكن بدون أي أضرار، يوجد علوم تبني مثل علم الجنائية الرقمية، يوجد قوانين تسن، يوجد كبح لجماح شركات مهووسة في بالتقنية الشريرة، يوجد مستقبل كبير ورائع رقميا، ويوجد لدي الكثير من التدوينات المستقبلية.

[poll id=”5″]

أمين صالح
© جميع الحقوق محفوظة ، مدونة أمين صالح.